ولما كان من خصائص الدين الاسلامي الحنيف الشمول فمن البديهي ان فيه نظام اقتصادي واساس النظام الاقتصادي هو العقيدة الاسلامية التي يتفرع منها هذا النظام الذي يراعي فطرة الانسان ومعاني الاخلاق الفاضلة ويؤكد على ضرورة سد حاجات الافراد اللازمة للعيش , والعقيدة الاسلامية تبين علاقة الانسان بالكون وعلاقته بخالق الكون والغاية التي خلق من اجلها الانسان .
فالانسان افضل مخلوقات الله تعالى وان الله سبحانه وتعالى خلق الانسان لعبادته كما جاء في الآية الكريمة ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) الذاريات 56
والانسان لايبلغ هذه الغاية الا بالخضوع الاختياري المطلق لله رب العالمين وان النظام الاقتصادي مع بقية انظمة الاسلام وضعها الله تعالى لتسيير السبل للانسان لبلوغ الغاية التي خلق من اجلها وهي عبادة الله وحده .
اذن فالتجارة هو نشاط اقتصادي يمارسه الفرد في سبيل الحصول على وسائل العيش والاسلام هو دين الحياة حث على الكسب والتجارة كما جاء في قوله تعالى ( يا ايها الذين آمنو لا تأكلو اموالكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ) البقرة 282
وقال تعالى ( وجعلنا النهار معاشا) النبأ 11
وقال تعالى ( ولقد مكناكم في الارض وجعلنا لكم فيها معايش قليلاً ما تشكرون ) الاعراف 10
وقال تعالى ( فانتشرو في الارض وابتغو من فضل الله ) الجمعة 10
وقال النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ( أحل ما أكل الرجل من كسبه وكل بيع مبرور )
وقال صلى الله عليه وآله وسلم ( الاسواق موائد الله تعالى فمن اتاها اصاب منها )
وعن الامام علي (ع) ( تعرضو للتجارات فان لكم فيها غنى عما في ايدي الناس وان الله عز وجل يحب المحترف الامين ) وسائل الشيعة ج12
وعن الامام الصادق (ع) : التجارة تزيد في العقل وسائل الشيعة ج 12 ص4
ترك التجارة ينقص العقل وسائل الشيعة ج 12 ص5
من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله وسائل الشيعة ج 12 ص8
وكما نعلم ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشتغل بالتجارة قبل ان يبعث إلى هذه الامة لما كان يتميز به من اخلاق وصفات حميدة التي وصفها الله تعالى بها في قوله ( وانك لعلى خلق عظيم ) ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسوة للجميع ومن اهم الصفات التي يجب ان يتصف بها التاجر هي :
1- تقوى الله : فقد قال الرسول (ص) ( يا معشر التجار ان التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً الا من اتقى الله وبر وصدق ) كنز العمال خ 9437
وقال (ص) ( تاجر الدنيا مخاطر بنفسه وماله وتاجر الآخرة غانم رابح , واول ربحه نفسه ثم جنة المأوى ) تنبيه الخواطر ص 360
2- التفقه في الدين : ان معرفة فقه النظام الاقتصادي في الاسلام من قبل التاجر ضروري جداً للتحلي بالفضائل وترك الرذائل فقد قال الامام علي (ع) ( يا معشر التجار .. الفقه ثم المتجر .. الفقه ثم المتجر .. الفقه ثم المتجر ) وسائل الشيعة ج12
وعن الصادق (ع) من اراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات ) وسائل الشيعة ج 12 ص 283
3- الصدق : من الصفات التي يجب ان يتميز بها التاجر هو الصدق في معاملاته التجارية عن النبي (ص) ( التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء ) تفسير الدر المنثور ج2
وعن الامام الصادق (ع) ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب ( امام عادل , وتاجر صدوق , وشيخ افنى عمره في طاعة الله ) البحار ج 103 ص 98
وعن النبي (ص) ثلاثة لا ينظر الله اليهم ( … والمزكي سلعته بالكذب … ) البحار ج75
4- السماح والتساهل في التجارة : ان يكون سمحاً اذا باع واذا اشترى
عن النبي (ص) ( السماح وجه من الرباح ) وسائل الشيعة ج 12
وعن النبي (ص) ( رحم الله رجلاً سمحاً اذا باع واذا اشترى واذا اقتضى ) بحار الانوار ج103
البخاري – كتاب البيوع 1931
5- الشجاعة ( الجسارة ) في البيع والشراء ومعناها عدم التردد في الشراء او البيع او تخونه من الخسارة اذا اشترى او باع او الخشية من كساد بضاعته .
عن الامام علي (ع) ( التاجر الجبان محروم والتاجر الجسور مرزوق ) ميزان الحكمة ج1 ص520
6- ان لا تشغله التجارة عن العبادة والطاعة لله تعالى , أي لا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الاخرة ( المساجد ) ويلازم ذكر الله سبحانه وتعالى في السوق
قال تعالى ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة ) النور/ 37
7- التحلي بالفضائل وترك الرذائل , يجب ان يتحلى التاجر بالحلم وتجنب الكذب والربا وعدم الحلف على البضاعة ومدحها او كتمان عيبها .